مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا

بقلم: عبد المنعم الجمل
بقلم: عبد المنعم الجمل

في لحظة ملتبسة من الزمن، يطل علينا مشهد عبثي جديد: مظاهرة تقام أمام السفارة المصرية في تل أبيب، يُفترض أنها «غاضبة» من موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية، لكنها تفتقد أهم رموز الغضب الفلسطيني: العلم الفلسطيني ذاته!

إنه مشهد يَشِي بكل شيء إلا الصدق ..

غياب العلم في مظاهرة تُنسب إلى الفلسطينيين ليس مجرد سهوٍ بصري، بل اختزال خبيث، ومحاولة متعمدة لتفريغ النضال الفلسطيني من روحه الوطنية. هو طمس متعمد للهوية، وعملية تحوير رمزية تمثل خيانة للذاكرة النضالية التي دُفعت فيها دماء الآلاف دفاعًا عن الأرض والعلم والحق.

لكنّ السؤال الأهم: من يُخرج هذه المسرحية؟
وهل بات التضليل الإعلامي لعبة مكشوفة إلى هذا الحد؟

لقد اعتادت مصر أن تكون في عين العاصفة، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها الثابت الذي لا يُشترى، والدور الذي لا يُعطَّل.

منذ عقود، كانت القاهرة ولا تزال بوابة المقاومة ورئة غزة ونبض القدس السياسي.

وحين لا تجد بعض الأجندات سبيلاً لإسكات صوت مصر العقلاني والصلب، تلجأ إلى التشويه الممنهج عبر أدوات صغيرة وهشة؛ أدوات تشبه تلك المظاهرة، في تنظيمها المفبرك، وأشكال المشاركين فيها، وهتافاتها المرتبكة.

ما جرى أمام السفارة المصرية في تل أبيب ليس تعبيرًا عن “غضب فلسطيني”، بل محاولة لإحداث شرخ بين مصر والقضية، وكأن المطلوب هو أن تصبح الدولة التي احتضنت كل مفاوضات المصالحة، ورعت كل هدنات الحرب، هدفًا لاتهامات مجانية ومشاهد مُفتعلة.

لكن الرهان على وعي الشعوب، وعلى قوة البوصلة المصرية، هو الرهان الرابح.

فالشعوب العربية – والفلسطينية قبل غيرها – تدرك أن بعض “المظاهرات” ليست سوى صدى لحناجر مُموّلة، وهتافات بلا روح، وكاميرات تبحث عن لقطة لا عن حرية.

فليعلم من يحاولون زعزعة دور مصر القومي أن الأوطان لا تهتز بمسرحيات تافهة، ولا تتراجع أمام مؤامرات إعلامية.

ومهما حاول البعض اختلاق “احتجاجات”، فالتاريخ سيبقى شاهدًا أن مصر لم تكن يومًا خصمًا لفلسطين، بل كانت دومًا سندها وسيفها.

وليتذكر الجميع أن العلم الفلسطيني حين يُغيب، فإن من غيّبه لا يمثل فلسطين، ولا قضيّتها، ولا شهداءها