النقد لا ينقطع .. لكن أين البَنَّاء؟

بقلم: عبد المنعم الجمل
بقلم: عبد المنعم الجمل

منذ ما يقرب من قرنٍ من الزمان، يقف الاتحاد العام لنقابات عمال مصر في قلب الحركة العمالية، مدافعًا عن حقوق العمال، ومشاركًا في صياغة السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تمس حياة ملايين المصريين.

وخلال هذه المسيرة الطويلة، لم ينقطع النقد للاتحاد العام ونقاباته العامة ولجانه النقابية — وهو أمر طبيعي لأي مؤسسة فاعلة في الشأن العام — غير أن بعض هذا النقد تجاوز أحيانًا حدود الموضوعية، حين خلط البعض بين مسئولية الاتحاد ودور الدولة أو أصحاب الأعمال، في حين أن حماية حقوق جميع العمال مسئولية تشاركية لا يمكن لطرفٍ واحد أن يتحملها بمفرده.

إن النقابات العمالية في جوهرها تنظيمات طوعية تنشأ بوعي أعضائها وتمثل المنضمين إليها وفقًا للقانون.

فالعضوية في التنظيم النقابي اختيارية وليست إجبارية، وهو مبدأ راسخ نصّ عليه الدستور المصري وقانون المنظمات النقابية، احترامًا لحرية الانضمام والانتماء النقابي.

ويعني ذلك أن العمل النقابي يقوم على المشاركة الواعية والمسئولية المشتركة بين الأعضاء وتنظيمهم، لا على التفويض المطلق أو تحميل المسئوليات دون مشاركة حقيقية.

ولا يقتصر دور الاتحاد العام على مستواه المركزي، بل يمتد عبر النقابات العامة المنضمة إليه، واتحاداته المحلية بمحافظات الجمهورية، ولجانه النقابية المنتشرة في مواقع العمل والإنتاج، وهي التي تمثل الجسر الحقيقي بين العمال وقضاياهم اليومية.

فهذه التنظيمات تشكل القاعدة الأساسية للحركة النقابية، وتؤدي دورًا مباشرًا في الدفاع عن الحقوق، وتسوية النزاعات، ونشر الوعي القانوني والمهني داخل مواقع العمل، بما يعزز تماسك التنظيم النقابي ووحدته بين القاعدة والقيادة.

وقد حرص الاتحاد العام دائمًا على أداء دوره الوطني والنقابي في الدفاع عن الحقوق العامة للطبقة العاملة المصرية، وطرح الرؤى والمطالب التي تضمن بيئة عمل عادلة وآمنة ومستقرة.

ولعل كثيرًا من التشريعات الاجتماعية والتأمينية التي يتمتع بها العامل المصري اليوم، وُلدت من رحم نضال نقابي طويل شارك فيه الاتحاد العام ونقاباته العامة عبر الأجيال.

من هنا، فإن الاتحاد العام يرحب دائمًا بـالنقد الهادف القائم على المعلومة والدراسة والمعرفة، لا على الانطباعات أو الأحكام المسبقة.

فالنقد البنّاء هو وقود التطوير، أما النقد المغلوط أو الموجّه، فلا يخدم سوى من لا يريد للحركة النقابية أن تبقى قوية وفاعلة في خدمة الوطن والعامل.

وفي الختام نقول للرأي العام:

إن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر مؤسسة وطنية تعمل في العلن، تحت مظلة الدستور والقانون، وتمثل ملايين العمال في الداخل والخارج من خلال نقاباته العامة، واتحاداته المحلية بالمحافظات، ولجانه النقابية في مواقع العمل والإنتاج.

وهو ليس خصمًا لأحد، بل شريك في البناء الوطني، وداعم لمسيرة التنمية التي تقودها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

النقدُ مرحبٌ به دائمًا، لكن ليكن نقدًا للبناء لا للهدم، نقدًا يَعي لا يُشكّك، فالقضية في جوهرها ليست الاتحاد، بل كرامة العمل ووعي العامل.

عبد المنعم الجمل

رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر