في قلب جنيف السويسرية، وبين جنبات الدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي – الحدث الذي يجمع وفوداً من أكثر من 187 دولة – لم يكن صوت العمال المصريين مجرد مشاركة عادية، بل كان صدى عميقاً لالتزام راسخ بقضايا الإنسانية والعدالة. لقد تجسدت هذه الرسالة القوية في وقفة تضامنية مؤثرة، حيث رفع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر راية الدعم المطلق للشعب الفلسطيني الشقيق، مؤكداً أن قضيته العادلة هي نبض ثابت في الوعي النقابي المصري.
هذا التحرك الاستراتيجي، الذي قاده وفد رفيع المستوى ضم قامات عمالية بارزة مثل الأستاذ عبد المنعم الجمل (رئيس الاتحاد العام) والمهندس عيد مرسال (الأمين العام للاتحاد العام والدولي لنقابات عمال دول حوض النيل)، بالإضافة إلى هشام رضوان (نائب رئيس الاتحاد العام)، إلى جانب عدد من القيادات النقابية المصرية، لم يكن مجرد لفتة رمزية. بل كان تأكيداً على دور مصر التاريخي في دعم القضية الفلسطينية على كافة الأصعدة.
من جنيف، وجه المهندس عيد مرسال رسالة لا لبس فيها إلى المجتمع الدولي، مشدداً على أن “القضية الفلسطينية ليست حكراً على الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية إنسانية عالمية يجب أن تظل حية في ضمير كل إنسان”. هذه الوقفة لم تكن تضامناً فحسب، بل كانت دعوة صريحة للوقوف صفاً واحداً مع الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
ولم يتوقف الدور المصري عند التضامن العلني؛ فالوفد حريص على استثمار جلسات المؤتمر لطرح قضية العمال الفلسطينيين وما يتعرضون له من انتهاكات ممنهجة وظروف قاسية، وذلك بهدف إثارة حراك دولي عاجل يكفل حماية حقوقهم الأصيلة التي يكفلها القانون الدولي واتفاقيات منظمة العمل الدولية. إن الإدانة الشديدة لكل أشكال الانتهاك التي تطال الشعب الفلسطيني، لا سيما فئة العمال، تعكس التزاماً عميقاً بضمان حقهم في الحياة الكريمة والعمل الآمن.
إن رسالة عمال مصر من جنيف واضحة: السلام الحقيقي ينبع من العدالة، والعدالة لا تتجزأ عن تحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى رأسها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هذا النضال النقابي لا يقتصر على حدود جغرافية، بل هو جزء لا يتجزأ من التزام الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالدفاع عن قضايا الشعوب العادلة حول العالم، مع بقاء القضية الفلسطينية في صدارة الأولويات كـ “نضالنا جميعاً” الذي يستوجب مواصلة الدعم لإنهاء الاحتلال وتحقيق الأمن والاستقرار والحرية لشعب يستحق الحياة.